إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في القانون الأردني

إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في القانون الأردني

إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في القانون الأردني تمثّل آلية قانونية محورية تهدف إلى إنقاذ الشركات المتعثرة من الإفلاس الكامل.

عبر إعادة هيكلة أوضاعها المالية والإدارية وفق أحكام قانون الإعسار الأردني.

يُعرَّف مفهوم إعادة التنظيم بأنه إجراء وقائي يمنح الشركة فرصة لإعداد خطة إصلاح تُعرض على الدائنين لاعتمادها.

ويتميّز هذا المسار عن إعلان الإفلاس بسبب التصفية بتركيزه على الاستمرارية وليس التصفية.

تمر العملية بعدة خطوات عبر المحكمة التجارية، وتشترط موافقة الأغلبية من الدائنين المتأثرين بالخطة.

تسعى هذه المقدمة إلى توضيح الفروقات والإجراءات الجوهرية التي تنظّم إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في الأردن بما يضمن التوازن بين حقوق الدائنين وفرص تعافي الشركات.

للتواصل المباشر انقر على زر الوتس أب اسفل الشاشة

إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في القانون الأردني

يمثّل إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في الأردن مرحلة محورية ضمن قانون الإعسار رقم (21) لسنة 2018، الذي أتاح للشركات المتعثرة فرصة لتصحيح أوضاعها بدلاً من الانزلاق مباشرة إلى الإفلاس الكامل.

الفكرة الجوهرية لهذا النظام تقوم على منح الكيان التجاري مساحة زمنية وقانونية لإعادة ترتيب التزاماته المالية والتشغيلية.

بما يحفظ قيمته الاقتصادية ويحد من الخسائر الجماعية التي يمكن أن تطال الدائنين والعاملين والسوق ككل.

ويأتي هذا التنظيم في إطار فلسفة اقتصادية وقانونية متكاملة تسعى إلى دعم استمرارية الشركات، لا سيما تلك التي تمتلك مقومات البقاء ولكنها تعاني من ضائقة مؤقتة. ومن أبرز ملامحه:

  • الحفاظ على القيمة الاقتصادية للشركة عبر استمرارية نشاطها الإنتاجي أو الخدمي.
  • إتاحة الفرصة لإعادة جدولة الديون بما يتناسب مع قدرة المدين على السداد.
  • تقليل تكاليف النزاعات القضائية من خلال مسار واضح ومنظم.
  • الحفاظ على فرص العمل وحماية المجتمع من تبعات البطالة الناتجة عن التصفية.
  • تعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية الأردنية من خلال توفير إطار قانوني مرن ومتوازن.

إعادة التنظيم ليست مجرد عملية مالية، بل هي سياسة اقتصادية تسعى إلى الحد من الهزات المفاجئة التي قد تؤثر على السوق.

وتحافظ على استمرار العلاقات التجارية والائتمانية. فهي تجسّد توازناً بين مصالح الدائنين وحق الشركة في الاستمرار.

وتوفر آلية مرنة يمكن من خلالها الوصول إلى حلول مبتكرة بدلاً من التصفية الفورية التي غالباً ما تؤدي إلى ضياع قيمة الأصول وغياب أي فرصة للتعافي.

مفهوم إعادة التنظيم وفق قانون الإعسار الأردني

يُقصد بـ إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في القانون الأردني تلك المرحلة التي يُسمح فيها للشركة المتعثرة بإعداد خطة متكاملة لإصلاح أوضاعها المالية أو الإدارية، بهدف تجنب الإفلاس التصفوي.

تبدأ العملية عندما تُثبت الشركة أو يُثبت وكيل الإعسار أو مجموعة من الدائنين أن ثمة فرصة حقيقية لعودة النشاط الاقتصادي إلى مساره.

وأن المشكلة لا تتعدى كونها صعوبة في السيولة أو سوء في إدارة الالتزامات.

جوهر هذا المفهوم يرتكز على أن الإعسار ليس بالضرورة نهاية النشاط التجاري، بل قد يكون فرصة لإعادة البناء.

لذلك، يتيح القانون تقديم خطة خلال فترة زمنية محددة، بحيث تتضمن تفاصيل دقيقة عن كيفية سداد الديون أو إعادة هيكلة العمليات التشغيلية أو الإدارية.

ومن أبرز عناصر هذا المفهوم:

  1. إشراك الأطراف كافة المدين، وكيل الإعسار، الدائنون، وحتى الموظفون المتأثرون.
  2. تحديد جدول زمني ملزم لتنفيذ الإصلاحات، مما يمنع المماطلة ويضمن الجدية.
  3. ربط الخطة بجدوى اقتصادية فعلية تعكس قدرة الشركة على الاستمرار.
  4. فرض رقابة قضائية لضمان الشفافية والالتزام بالقانون.

بذلك، يصبح مفهوم إعادة التنظيم بمثابة أداة عملية لإعادة التوازن، فهو لا يقتصر على معالجة الدين بحد ذاته.

بل يتوسع ليشمل إعادة النظر في الهيكل الإداري والمالي للشركة، بهدف تحويل الإعسار من تهديد إلى فرصة للتعافي.

الفرق بين إعادة التنظيم والإفلاس الكامل

يُعد التمييز بين إعادة التنظيم والإفلاس التصفوي الكامل من أبرز ما يميز فلسفة قانون الإعسار الأردني.

فبينما يركز الإفلاس الكامل على إنهاء وجود الشركة من خلال بيع أصولها وتوزيع قيمتها على الدائنين، تسعى إعادة التنظيم إلى استمرار الكيان وإصلاح أوضاعه بما يسمح له بمواصلة نشاطه الاقتصادي.

إعادة التنظيم تقوم على منح المدين فرصة لتسوية ديونه عبر خطة إصلاحية، مع إشراف قضائي ومشاركة الدائنين في صياغة القرارات.

العنصرإعادة التنظيم الاقتصاديالإفلاس التصفوي الكامل
الهدفإنقاذ الشركة واستمرار نشاطها الاقتصادي.إنهاء وجود الشركة من خلال بيع الأصول وتوزيعها.
طبيعة الإجراءخطة إصلاح مالية وتشغيلية تُعرض على المحكمة وتوافق عليها الأغلبية من الدائنين.بيع الأصول وتصفية الشركة نهائيًا دون النظر لاستمرارية النشاط.
وضع المدينيظل المدين أو إدارته جزءًا من العملية تحت إشراف قضائي.يُفقد المدين السيطرة على الشركة بعد التصفية.
وضع الدائنينيشاركون في صياغة الخطة والتصويت عليها بما يضمن مصالحهم.يحصلون على حصصهم من أموال التصفية وفق ترتيب الامتياز القانوني.
الأثر على الموظفينغالبًا ما تُحافظ الخطة على الوظائف أو جزء كبير منها.فقدان الوظائف بشكل شبه كامل نتيجة توقف النشاط.
القيمة الاقتصاديةالحفاظ على القيمة السوقية والأصول عبر استمرارية التشغيل.ضياع القيمة المضافة نتيجة بيع الأصول بأسعار تصفية.
النتيجة النهائيةاستمرار الشركة بعد إعادة الهيكلة إذا نُفذت الخطة بنجاح.اختفاء الشركة كشخصية اعتبارية وخروجها من السوق نهائيًا.

خطوات إعادة الهيكلة عبر المحكمة التجارية

تتم إعادة الهيكلة عبر المحكمة التجارية من خلال سلسلة مراحل قانونية دقيقة تهدف إلى ضمان الشفافية وحماية حقوق جميع الأطراف.

تبدأ العملية عندما يتقدم المدين أو وكيل الإعسار أو مجموعة من الدائنين بطلب رسمي، لتقرر المحكمة إن كان النشاط يستحق فرصة للتنظيم.

الخطوات الأساسية تتلخص فيما يلي:

  1. مرحلة التقييم الأولي حيث تُراجع المحكمة الوضع المالي للشركة ومدى جدوى استمرارها.
  2. إعلان مرحلة إعادة التنظيم إذا تبيّن أن النشاط قابل للإنقاذ.
  3. إعداد وتقديم خطة إعادة التنظيم خلال مدة محددة، تتضمن جدولة الديون والإصلاحات التشغيلية.
  4. إشعار الأطراف المعنية مثل لجنة الدائنين والموظفين ومنحهم فرصة للتعليق.
  5. إعداد تقرير تفصيلي من وكيل الإعسار يوضح إمكانية التنفيذ والجدوى الاقتصادية للخطة.
  6. تصويت الدائنين على الخطة وفق نسب وأغلبية محددة بالقانون.
  7. إقرار المحكمة واعتماد الخطة رسمياً، لتبدأ مرحلة التنفيذ تحت إشراف قضائي.

هذه المراحل لا تهدف فقط إلى حماية الشركة، بل إلى ضمان أن عملية الإنقاذ تخدم مصلحة الدائنين أيضاً، من خلال وجود خطة عملية قابلة للتنفيذ.

وليست مجرد وعود، وبذلك تتحقق العدالة بين الأطراف وتُصان القيمة الاقتصادية للنشاط.

دور الدائنين في الموافقة على خطة إعادة التنظيم

يُعد دور الدائنين في إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في القانون الأردني محورياً، حيث لا يمكن لأي خطة أن ترى النور دون موافقتهم.

القانون يمنحهم صلاحيات واسعة تجعلهم طرفاً أساسياً في صياغة مستقبل الشركة، لا مجرد متلقين للقرارات.

من أهم أدوارهم:

  • الحق في تقديم خطة بديلة إذا لم يقتنعوا بخطة المدين، شريطة أن يمثلوا نسبة معينة من إجمالي الديون.
  • المشاركة في التصويت وفق تصنيف ديونهم (مضمونة أو عادية)، بما يمنع تمييز فئة على حساب أخرى.
  • الموافقة أو الرفض على التعديلات الجوهرية مثل تخفيض الديون أو تأجيل السداد لفترات طويلة.
  • الإشراف غير المباشر عبر تقارير وكيل الإعسار والمحكمة التي تتابع تنفيذ الخطة.

القانون يشترط نسباً محددة للموافقة، فقد تكفي الأغلبية المطلقة لبعض القرارات، بينما تتطلب القرارات الأكثر حساسية نسباً أعلى تصل إلى ثلثي الدائنين. هذا يعكس حرص المشرّع على أن تكون القرارات الجوهرية محل توافق واسع.

بذلك يتحول الدائنون من مجرد أطراف تطالب بحقوقها إلى شركاء حقيقيين في إنقاذ الشركة، إذ لا يمكن إنجاح إعادة التنظيم دون تعاونهم ورضاهم عن الحلول المطروحة.

الأسئلة الشائعة حول إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في القانون الأردني

نعم، إعادة التنظيم قد تنقذ الشركة من التصفية النهائية إذا أثبتت الخطة المقدمة للمحكمة جدواها الاقتصادية وقدرتها على استعادة النشاط.
في حال إقرار الخطة وموافقة الدائنين، يتم تعليق إجراءات التصفية، وتُمنح الشركة فرصة لإعادة جدولة ديونها واستمرار عملها. أما إذا فشلت الخطة أو لم تُنفذ، يتم تحويل الشركة مباشرة إلى التصفية.
القانون يشترط موافقة أغلبية الدائنين المتأثرين بالخطة. القاعدة العامة هي الأغلبية المطلقة (أكثر من 50% من قيمة الديون)، لكن في الحالات التي تتضمن تخفيضاً كبيراً للديون (أكثر من 50%) أو تمديداً طويل الأمد للسداد (أكثر من 5 سنوات)، يشترط موافقة أعلى تصل إلى 60% من قيمة الديون.
القانون الأردني يمنح العاملين معاملة خاصة أثناء فترة إعادة التنظيم، حيث:
1. تُعتبر أجورهم وحقوقهم من الديون الممتازة التي تُسدَّد قبل غيرها.
2. يُشترط إشعارهم بالخطة ليتمكنوا من إبداء ملاحظاتهم.
3. يُمنع الاستغناء عنهم بشكل جماعي إلا بموافقة المحكمة وبعد التأكد من مبررات اقتصادية مشروعة.

تمثل إعادة التنظيم الاقتصادي للشركات في القانون الأردني أداة قانونية حديثة وفعالة توازن بين حماية حقوق الدائنين ومنح الشركات فرصة حقيقية للتعافي.

فقد بيّن القانون أن التعثر لا يعني بالضرورة نهاية النشاط، بل قد يكون بداية لمسار إصلاحي يتيح إعادة جدولة الديون، وتثبيت الاستقرار الوظيفي، وحماية القيمة الاقتصادية للمؤسسات.

كما أوضحنا، فإن مشاركة الدائنين وإشراف المحكمة يمثلان الضمانة الأساسية لإنجاح هذه العملية. ومن هنا، فإن إعادة التنظيم ليست مجرد خيار قانوني، بل استراتيجية اقتصادية تسهم في استدامة الأعمال وتعزيز الثقة في بيئة الاستثمار الأردنية.

لا تنسى التواصل مع محامي في الأردن من مكتبنا متخصص وخبير في كل ما يخصص الشركات وإعادة البناء.

لمعلومات أكثر اقرأ:
إجراءات إعلان الإفلاس في الأردن.
أحكام الإفلاس في القانون الأردني.
تصفية الشركات ذات المسؤولية المحدودة في الأردن.
تأسيس شركة في الأردن.